الإدمان هو الاعتماد اللاإرادي القهري على أية مواد كيميائية أو عادات أو سلوكيات لدرجة يؤدي الامتناع عن تناولها أو التوقف عن ممارستها أو محاولة تغييرها إلى تفاعلات بدنية أو عاطفية أو ذهنية حادة غير مرغوبة.
ومع أن مشكلة إدمان الكحول بين النساء في مجتمعنا تعتبر نادرة الحدوث إلى حد بعيد، إلا أنه من المهم تسليط الضوء عليها وبحثها بشيء من التفصيل، وعلى رغم عدم وجود إحصائيات دقيقة عن حجم مشكلة إدمان الكحول لدى المرأة إلا أن ذلك لا يعني عدم وجودها إطلاقاً، إذ أشار تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية إلى أن دولاً قليلة جداً تكافح الإفراط في استهلاك الكحول الذي يودي حياة (2,5) مليون شخص سنوياً.
وأضاف التقرير "إن الاستهلاك والاستخدام المضر للكحول ارتفع في الدول النامية ولا سيّما في إفريقيا وآسيا التي تعتمد أنظمة أقل تقييداً".
وتفيد منظمة الصحة العالمية أن 4%من وفيات العالم مرتبطة بالكحول، وغالبية الوفيات المرتبطة بالكحول ناجمة عن السرطان وأمراض أوعية القلب وتشمع الكبد، وأوضح التقرير أن 6.2% من وفيات الرجال مرتبطة بالكحول في مقابل 1.1% من وفيات النساء عالمياً.
- كيف تبدأ المشكلة؟
قد يبدأ الإدمان للهرب كوسيلة للهرب من المشاكل اليومية أو ضغوطات العمل الروتينية، بصفة عامة تبدأ المرأة عادةً بالشرب في سن متأخرة نسبياً عن الرجل لكن المشكلة المتعلقة بالشرب لدى المرأة فتبدأ بمعدل أسرع من الرجل وبجرعات أقل، ويعود السبب في ذلك إلى "زيادة نسبة الدهون لدى المرأة مما يساعد على تركيز الكحول في الجسم، كما أن التغيرات الهرمونية المتعلقة بالدورة الشهرية تؤثر على درجة التحمل وتمثيل الكحول لدى النساء."
- تأثير الكحول على الجسم
تعد الوفيات الناتجة عن الكحول لدى النساء أكثر منها لدى الرجال، ويعود السبب في ذلك إلى أن مخاطر الانتحار والحوادث المتعلقة بالمسكر وأمراض الكبد لدى المرأة تفوق مثيلاتها لدى الرجال.
ويؤدي الاستمرارية في شرب الخمور لدى النساء إلى ضمور المبيض وتوقف الدورة الشهرية والعقم والإجهاض التلقائي مع فقدان في الرغبة الجنسية، إضافةً إلى بلوغ سن اليأس.
وتنقل الكحول في المرأة الحاملة بسرعة إلى دم الجنين عبر المشيمة، مما يؤدي ذلك إلى أضرار بالغة الخطورة منها؛
أولاً؛ الإجهاض التلقائي، وولادة الطفل ميتاً.
ثانياً؛ الوفاة بعد الولادة: وقد بلغت نسبة الوفيات بين الأطفال حديثي الولادة لأمهات مدمنات 17%، فيما لم تتجاوز النسب العادية 2 %
وينصح الأطباء بامتناع الحامل عن شرب الخمور تماماً تفادياً لهذه الأخطار وتشير الأبحاث إلى أن تناول الخمور أثناء الحمل يؤدي في 50 % من الحالات إلى ولادة الطفل "متخلف عقلياً"، في حين يؤدي في 30 % إلى ولادة الطفل "مشوه خلقياً".
ويعاني الأطفال المولودين لأمهات مدمنات من اضطرابات عقلية وجسدية متعلقة بإدمان الكحول تعرف بملازمة الكحول الجنينية وتشمل تشوهات رأس ووجه الجنين وضعف النمو والتخلف العقلي، إلا أن التأثيرات السلبية لا تقتصر فقط على مرحلة الحمل بل قد يمتد حتى مرحلة الرضاعة، إذ من الممكن أن تتسرب الكحول عبر حليب الأم المرضعة إلى طفلها، لذا ينصح الأطباء الامتناع تماماً عن إرضاع الأطفال من قبل الأمهات المدمنات.
وتشير أغلب الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن نسب المدمنات على الكحول حالياً يصل إلى نحو 30 % في مرحلة الحمل، وتعرض الجنين للكحول هو السبب الرئيسي للتخلف العقلي في الولايات المتحدة الأميركية، ويقدر معدل انتشار هذا المرض في المغرب ما بين 0،2 و 2،0 حالة لكل 1000 ولادة حية من العاهات الخلقية الأخرى مثل متلازمة داون أو السنسنة المشقوقة.
أما قضية التخفيف فانه غير منطقي وواقعي، فكثير من السيدات الحوامل، يحاولن التخفيف من شرب الكحول، غير أنهن في غمرة الاستغراق في الشراب، خاصة أن الإقبال على الكحول لقي رواجاً في العقدين الأخيرين، حيث ازداد نسبة السيدات اللاتي يتعاطين الكحول، سواءً كان ذلك في المناسبات العامة، أو ما يعرف بالشرب في المناسبات الاجتماعية اللائي يطلق عليهم (Social drinkers) وهن بالطبع يختلفن عن المدمنات Alcoholicsويلفت غالبية الأطباء إلى أن ذلك يرجع إلى الضغوط النفسية التي تواجهها السيدات في المنزل وكذلك خروج نسبة كبيرة منهن إلى العمل، فأصبحن تحت ضغوط نفسية في العمل، وكذلك المسؤولية عن المنزل والزوج والأولاد ورعاية جميع شؤون المنزل.
كما ترتفع مخاطر الإصابة بسرطان الثدي لدى المدمنات على الكحول أو المدمنات هن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي بنسبة تزيد عن 40 % أكثر من غيرهن.
- ما الذي يدفع المرأة إلى الإدمان؟
الإجابة عن هذا السؤال تعتمد بشكل كبير على المرأة، فبعضهن تلجأ لتعاطي المواد المخدرة لتعديل المزاج أو الهروب من واقع مرير على سبيل المثال، ويستخدمها البعض ليهدئن من روعهن، في حين يلجأن إليها للتغلب على الألم العاطفي أو البدني، كما أن شخصية المرأة وصحتها النفسية والحالة الاجتماعية والبيئية المحيطة بها تلعب دوراً هاماً في حدوث الإدمان.
0 تعليقات