مخاطر الأسلحة الكيميائية والتهديد الذي تشكله على سوريا

يوماُ بعد يوم، تزداد حدة التوتر في سوريا، ويخشى الغرب أن يلجأ النظام السوري إلى السلاح الكيميائي لإنهاء الأزمة. فما هو السلاح الكيميائي وما مدى خطورته

مخاطر الأسلحة الكيميائية والتهديد الذي تشكله على سوريا

الحرب الكيميائية هي نوع من الحروب ينطوي على استخدام المواد السامة والكيميائية باعتبارها أسلحة. ولا تعتمد الحرب الكيميائية على القوة التفجيرية لإصابة الهدف، لكنها تعتمد على الخصائص الفريدة لكل نوع من أنواع الأسلحة الكيميائية المستخدمة.

والأسلحة الكيميائية هي عبارة عن جهاز (ربما يكون عبارة عن قنبلة) تكون محملة بالمواد الكيميائية التي تم إعدادها لإلحاق الأذى بالإنسان، أو التسبب في موته. ويمكن تصنيف الأسلحة الكيميائية على أنها أسلحة دمار شامل، وتحظى بإدانة كبيرة من قبل العالم المتحضر.

وتختلف الأسلحة الكيميائية عن الأسلحة البيولوجية (الأمراضالأسلحة النووية (التي تستخدم الانشطار النووي الفرعي) والأسلحة الإشعاعية (التي تعتمد على التحلل الإشعاعي للعناصر). ويمكن أن تكون الأسلحة الكيميائية على هيئة غازات، سوائل، أو مواد صلبة ولديها القدرة على أن تصيب أهداف أخرى غير الأهداف المستهدفة. ويعتبر غاز الأعصاب والغاز المسيل للدموع أحد الأمثلة الحديثة على الأسلحة الكيميائية.

ويمكن تقسيم الأسلحة الكيميائية إلى أربعة فئات رئيسية، لكل منها تأثير مختلف. وهي:

المنفطات أو Vesicants (بما في ذلك خردل الكبريت): ويتسبب هذا النوع من الأسلحة في الإصابة بالتقرحات وحروق الجلد، العين، الحلق والرئتين. ويمكن أن يؤدي امتلاء الرئة بالسوائل إلى الوفاة. علاوة على ذلك، قد تتسبب في الإصابة بفقدان البصر. ويؤدي استخدام خردل الكبريت إلى الإصابة بالسرطان، وتشوهات الأجنة الخلقية، وإصابة الرضع ممن يتعرضون له بسرطان الدم.

الغازات الخانقة (وتشمل الكلور والفوسجين): يسبب هذا النوع من الأسلحة الكيميائية تهيج العينين والحنجرة والرئتين. كذلك، قد يؤدي امتلاء الرئة بالسوائل إلى الوفاة.

عوامل الدم: وتؤدي إلى توقف توصيل الأكسجين إلى الأنسجة والأعضاء الحيوية.

غازات الأعصاب: ويعتبر هذا النوع الأكثر خطورة وفتكاً، حتى في حال استخدامه بكميات صغيرة للغاية. حيث يتسبب في حدوث تشنجات، علاوة على احتمال التعرض للوفاة نتيجة الإصابة بشلل الجهاز التنفسي. ويمكن أن يتم امتصاصه عن طريق الجلد كما أنه قادر على اختراق الملابس.

 

تاريخ الحرب الكيميائية:

يعود استخدام السموم التي يمكن اعتبارها على أنها أسلحة كيميائية إلى العصور القديمة. فخلال الحرب البيولوبونيسية (431- 404 قبل الميلاد)، على سبيل المثال، تم استخدام دخان الزرنيخ من قبل قوات إسبرطةوخلال حصار القسطنطينية (637 م) استخدم الإغريق البيزنطيين "النار الإغريقية"، وهي عبارة عن خليط كيميائي من البترول، والكبريت والراتنجات. أما عن أول استخدام للأسلحة الكيميائية في العصر الحديث، فكان خلال الحرب العالمية الأولى. ففي معركة آيبر الثانية في إبريل 1915، قام الجيش الألماني بإطلاق مئات الأطنان من غاز الكلور. وهو الأمر الذي تسبب في مقتل وإصابة الآلاف من قوات الحلفاء. وعلى مدى الحرب، قامت كل من قوات المحور والحلفاء بتطوير الأسلحة الكيميائية. وقاموا بصقل خططهم التكتيكية لتأخذ في الاعتبار حقيقة وأهمية الحرب الكيميائية.

وبحلول عام 1917، كان قد تم تطوير القذائف المدفعية للذخائر الكيميائية، جنباً إلى جنب مع استخدام كميات كبيرة من الأسلحة الكيميائية الحديثة مثل غاز الخردل. ولكن في عام 1918، كانت الحرب العالمية الأولى مشبعة بالأسلحة الكيميائية الثابتة وغير الثابتة، الأمر الذي تسبب في خسائر كبيرة في صفوف القوات المحاربة، وزاد من خطورة وصعوبة العمليات العسكرية.

وبنهاية الحرب العالمية الأولى، كان قد تم استخدام 125,000 طناً من المواد الكيميائية السامة، تسببت في أكثر من 1.3 مليون حالة إصابة، بما في ذلك أكثر من 100,000 حالة وفاة.

وعلى الرغم من الآثار الناجمة عن استخدام الأسلحة الكيميائية، شهد القرن العشرين المزيد من المحاولات لتطوير واستخدام هذا النوع من الأسلحة.  فقد استخدمت القوات الإيطالية الأسلحة الكيميائية خلال غزوها لإثيوبيا (1935- 1936)، في حين استخدمت اليابان الأسلحة الكيميائية خلال حربها مع الصين (1937- 1945). وفي الحرب العالمية الثانية، طور كل من دول المحور ودول الحلفاء مجموعة من الأسلحة الكيميائية، لكن لعب نقص أنظمة النقل الضخمة دوراً في عدم استخدام هذه الأسلحة.

بالإضافة إلى ذلك، لقد استخدمت مصر الأسلحة الكيميائية في شمال اليمن (1963-1967)، كما تم استخدامها على نطاق واسع خلال الحرب بين إيران والعراق (1983- 1988). وعلى الرغم من إبرام وتنفيذ اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، لا تزال بعض الدول تحتفظ ببرامج هجومية ومخزونات من الأسلحة الكيميائية، ومن بينها سوريا. ويخشى الغرب أن يقدم نظام بشار الأسد على استخدام هذه الأسلحة ضد شعبه، وهو الأمر الذي وصفه بعض المسئولين في الغرب بأنه كارثي.

 

الأسلحة الكيميائية في سوريا:

ذكرت العديد من المنظمات الغربية غير الحكومية أنها تعتقد أن سوريا تمتلك برنامجاً نشطاً للأسلحة الكيميائية. وعلى الرغم من أن سوريا لم توقع اتفاقية عدم حيازة الأسلحة الكيميائية، إلا أنها ظلت تنفي حيازتها لهذا النوع من الأسلحة حتى عام 2012، عندما اعترفت بامتلاكها أسلحة كيميائية.

وتعتبر سوريا واحدة من ست دول لم توقع، وثمانية دول لم تصدق على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. وتقوم سوريا حالياً بتصنيع مجموعة من أنواع الأسلحة الكيميائية الغازية مثل السارين، التابون، وغاز الخردل، وغاز VX. وتشير التقييمات المستقلة إلى أن الإنتاج السوري، قد يصل إلى ما مجموعه بضع مئات من أطنان الأسلحة الكيميائية سنوياً.

وقد حدد مجموعة من خبراء حظر الانتشار النووي في الغرب مرافق انتاج الأسلحة الكيميائية في سوريا بحوالي 5 مواقع، بالإضافة إلى الاشتباه في موقع مخصص كقاعدة للأسلحة الكيميائية. والمواقع الخمسة هي:

السفيرة (قاعدة صواريخ سكود)

حماة (قاعدة صواريخ سكود)

– حمص

اللاذقية

تدمر

ومع اعتراف سوريا بقيام الجيش السوري بتطوير قنبلة محملة بغاز السارين، بات الشعب السوري قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في كارثة صحية وشيكة، في حال استخدام هذه الأسلحة.

 

تأثير الأسلحة الكيميائية الموجودة بسوريا:

وفيما يلي نعرض، أهم تأثيرات الأسلحة الكيميائية المحتمل تواجدها بسوريا:

غاز السارين لا طعم له ولا رائحة، ويصنف باعتباره أحد غازات الأعصاب وأكثر الأسلحة الكيميائية سمية وسرعة من حيث الانتشار. وعند إطلاق غاز السارين في الهواء يقوم الجسم بامتصاصه عن طريق الرئة، الجلد أو العين. ويبقى الغاز في الهواء لمدة 30 دقيقة بعد إطلاقه.

وتجدر الإشارة إلى أن غازات الأعصاب، مثل السارين، لديها تأثير شديد السمية على الصحة. حيث تحد من قدرة الجسم على التحكم في وتنظيم العضلات والغدد اللازمة لقيام الجسم بوظائفه بشكل سليم، كما تؤثر أيضاً على التنفس. وتعتمد درجية السمية على مقدار ما تعرض له الإنسان من الغاز وفترة تعرضه له.

وتظهر أعراض التسمم بغاز السارين بعد ثوان من التعرض له وتشمل:

سيلان الأنف

عيون دامعة

– عدم وضوح الرؤية

السعال

الإسهال

الضعف

الصداع

آلام العين

زياد التبول

الارتباك

سرعة التنفس

– ضيق الصدر

ارتفاع أو انخفاض مستوى ضغط الدم

– بطء أو سرعة معدل ضربات القلب

زيادة التعرق

الغثيان، القيء أو آلام البطن

النعاس

ويمكن أن يتسبب التعرض لغاز السارين لفترة طويلة في فقدان الوعي، التشنجات، الشلل، فشل الجهاز التنفسي والوفاة. أما الأشخاص الذين يتعرضون لكميات قليلة منه، يمكنهم التعافي تماماً في غضون أسبوع أو أسبوعين. وفي حالة التعرض لهذا الغاز، عليكِ فوراً خلع ملابسك، والاستحمام بالماء والصابون، والحصول على الرعاية الطبية اللازمة في أسرع وقت ممكن.

 

غاز VX

أما غاز VX، فقد تم تطويره في عام 1950 من قبل مجموعة من العلماء البريطانيين. ويمكن أن يبقى تأثير غاز VX لبضعة أيام قد تمتد إلى شهر كامل. وفي حالة اعتدال درجات الحرارة، والقليل من المطر والرياح يمكن أن يستمر تأثيره لخمسة أسابيع. وتجدر الإشارة إلى أن سلسلة غازات Vالتي من بينها غاز VXأثقل وأكثر دهنية وتتبخر بسرعة أقل. ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة في حالة ملامستها للجلد، أو استنشاقها.

 

تأثير غاز الخردل على صحة الإنسان:

بعد أن تتعرض لهجوم باستخدام غاز الخردل، ستلاحظ بقع حمراء تنتشر على الجلد، تتحول بسرعة إلى تقرحات مؤلمة. أما في حالة كان الهجوم مباشراً، واستنشقت غاز الخردل، فستشعر على الفور بألم وتورم في الأنف والحلق. وكلما تعرضت لهذا الغاز لفترة أطول، زاد حجم الضرر الذي سيسببه لك. وقد تعاني من الأعراض التالية بعد استنشاق أو لمس غاز الخردل:

العين: تهيج، إحمرار، حرقان، التهاب، وربما تطور الأمر إلى الإصابة بفقدان البصر.

الجلد: حكة وإحمرار تتحول إلى تقرحات صفراء مؤلمة.

الجهاز التنفسي: سيلان أو نزيف الأف، العطس، التهاب الحلق، ضيق التنفس، السعال، وآلام الجيوب الأنفية.

الجهاز الهضمي: آلام البطن، الإسهال، الحمى، الغثيان والقيء.

بالإضافة إلى ذلك، فإن غاز الخردل قد يؤثر على القدرة على الإنجاب، حيث يعاني الرجال من تراجع الوظائف الجنسية بسبب تندب أنسجة الأعضاء التناسلية وقلة عدد الحيوانات المنوية. كما أشارت الوكالة الدولية لبحوث السرطان بأن غاز الخردل يعتبر مادة مسرطنة للإنسان. حيث يمكن أن يصيب الإنسان بسرطان الشعب الهوائية، الرئتين، الجلد، وربما مناطق أخرى من الجسم. والتعرض لكمية كبيرة من غاز الخردل، يمكن أن تؤدي إلى وفاة الإنسان في النهاية.

أما التابون فهو عبارة عن مادة كيميائية شديدة السمية، عديمة اللون، والطعم، سائلة ولها رائحة فاكهة خفيفة. وتم تصنيفها على أنها إحدى غازات الأعصاب، لأنها تؤثر بشكل فتاك وقاتل على الأداء الطبيعي للجهاز العصبي للثدييات.

وتشمل أعراض التعرض لغاز التابون: العصبية، الأرق، انقباض حدقة العين، سيلان الأنف، زيادة إفراز اللعاب، ضيق التنفس، التعرق، بطء معدل ضربات القلب، فقدان الوعي، التشنجات، الشلل الرخو، فقدان السيطرة على المثانة والأمعاء، توقف التنفس، وتقرحات الرئة. ويذكر أن حتى الجرعات البسيطة منه تعتبر سامة.

وتظهر أعراض التسمم بغاز التابون ببطء عندما يتم امتصاصه عن طريق الجلد مقارنة باستنشاقه الذي من الممكن أن يودي بحياة المصاب خلال 10 دقائق. ويمكن للملابس أن تحمل تأثير الغاز لمدة 30 دقيقة. أما الأشخاص الذين تعرضوا للغاز بكميات بسيطة أو معتدلة يمكنهم التعافي تماماً، إذا تم علاجهم في أقرب وقت.

وتعتبر الأسلحة الكيميائية من بين الأسلحة الأكثر فتكاً التي عرفها الإنسان. كما أنها أرخص وأسهل من حيث تطويرها مقارنة بالأسلحة النووية، ويمكن السيطرة عليها بشكل أكبر من الأسلحة البيولوجية.

 

 

—————–

المصدر: policymic

foxnews

eoearth

howstuffworks

wikipedia

wikipedia

international

 

 


شارك المقال مع أصدقائك

ما هو رد فعلك؟

أحببتها شكراً أحببتها شكراً
0
أحببتها شكراً
ناقشتم مشكلتي ناقشتم مشكلتي
0
ناقشتم مشكلتي
سأجرب العلاج سأجرب العلاج
0
سأجرب العلاج
لم تعجبني لم تعجبني
0
لم تعجبني
المادة ممتعة المادة ممتعة
0
المادة ممتعة
زدتم حيرتي زدتم حيرتي
0
زدتم حيرتي
لم استفد شيء لم استفد شيء
0
لم استفد شيء

0 تعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *